وكان أهل مكة ينتفعون بذلك ، فيبيعونهم ويشترون منهم ، ويؤجرون لهم المساكن ، ومكة تقع في واد غير ذي زرع ، ولما منع الله المشركين منها خاف بعض أهلها الفقر ، فقال لهم سبحانه : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ) أي ان خفتم الفقر بسبب انقطاع المشركين عن مكة فإن الله يعوض عليكم بوجه آخر ، لأن أسباب الرزق عنده بعدد قطرات المطر ، كما في الحديث ، وصدق الله العظيم ، فقد فتح على المسلمين البلاد والغنائم ، ودخل الناس في دينه أفواجا ، وتوجهوا بقلوبهم وأموالهم إلى مكة بالملايين ، ورأى أهلها من الغنى ما لم يحلموا به من قبل.
وتسأل : ما هو الغرض من قوله تعالى : (إِنْ شاءَ) مع العلم بأنه قد شاء؟.
الجواب : قد يكون القصد الاشارة إلى انه يجري المسببات على أسبابها ، وقد يكون المراد مجرد تعليم عباده ان يتّكلوا في جميع أعمالهم على الله ، ويعلقوا تحقيق أهدافهم على مشيئته مع السعي : كما في قوله : (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ـ ٢٣ الكهف».
(قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ (٢٩) وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا