(لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ). ضمير لا يقدرون عائد لفظا على الكافرين ، وعائد معنى على كل من عمل ويعمل البر بقصد تجاري ، والمراد ان من عمل عملا ليس لله ولا للانسانية فيه نصيب فانه لا ينتفع غدا بعمله ، لأنه تماما كالرماد المتطاير في الهواء ، وصاحبه ضال ، بل وممعن في الضلال ، لأنه تجرد في عمله هذا عن كل سبب يربطه بالله والانسانية.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ). معنى ألم تر ألم تعلم ، والخطاب موجه لكل من يقرأه ويسمعه. وكلمة الحق تشير الى أنه تعالى ما خلق شيئا إلا لحكمة اقتضت ذلك : (وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ـ ٢٧ ص» .. بعد أن ذكر سبحانه الذين يعملون لغير الله قال انه في غنى عن الناس وأعمالهم ، ولو شاء لأفناهم جميعا ، وأتى بأمم غيرهم يعملون له وحده ولا يشركون به شيئا ، لأنه على كل شيء قدير ، ولا شيء أدل على ذلك من خلق الكون وعجائبه.
(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً). برزوا بلفظ الماضي ، والمراد به الاستقبال لأنه محقق الوقوع ، والمعنى ان الانس والجان ، والملائكة والشياطين ، كل هؤلاء يظهرون لله يوم القيامة ، وما من واحد منهم الا وهو يعلم علم اليقين انه قد تكشف لله على حقيقته ، حتى من كان يكفر به وبالبعث.
(فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ). كل عاقل مسؤول عن عمله قويا كان أو ضعيفا ، رئيسا أو مرؤوسا : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ ٩٣ الحجر» ، بل وما يقولون أيضا : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ـ ١٨ ق». فالتابع يسأل : هل اتبع الهدى أو الضلال؟. وهل عاضد وساند المصلحين أو المفسدين؟ وأيضا المتبوع يسأل ، ومسؤوليته أكبر وأعظم ، لأنه مسؤول عن نفسه وعن