غيره من الاتباع والهمج الرعاع ، فهل يحمل أوزاره وأوزارهم.
ولست أعرف أحدا أعظم وزرا من هذا الطاغية المتبوع الا من تابعه وأعانه على ظلمه ، وهو يعرفه على حقيقته .. ان ظلم الظالم ليس بأسوأ عند الله من صبر المظلوم على الظلم .. ان قتل المظلوم في سبيل حقه شهادة ، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون .. وهل جرّأ الظالم على الظلم إلا سكوت المظلوم عنه. ولو علم الظالم ان بين جوانح المظلوم نفسا «حسينية» (١) لتحاماه.
ومهما يكن ، فان المراد بالضعفاء في الآية ضعفاء النفوس الذين يتبعون الظالم الضال ، وهم على علم بظلمه وضلاله ، طمعا في جاهه أو ماله ، أو جبنا وإيثارا للسلامة والراحة ، وفي حكمهم في المسئولية والجريمة من يتبع الضال على العمى ، وتقليدا للجموع أو للأصدقاء والأقارب.
وقد صور سبحانه موقف التابعين لأهل الغي والضلال عن علم أو جهل أعمى ، صور موقفهم يوم الحساب مع الطغاة بهذا الحوار : قال ضعفاء النفوس والهمم لرؤساء الدنيا والدجالين من رؤساء الدين : كنا نأتمر بأمركم ، وننتهي بنهيكم .. وها نحن الآن كما ترون بين يدي الله لا حول لنا ولا طول ، يحاسبنا ويعاقبنا على طاعتنا لكم في تكذيب الرسل ، وفي معصية الله ، فهل تدفعون عنا ولو يسيرا من عذاب الله ونقمته؟.
(قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ). المراد بالهداية هنا النجاة والخلاص من عذاب الله ، لأن الجواب يأتي على وفق السؤال ، وقد سأل التابعون متبوعيهم ان يخففوا عنهم يسيرا من العذاب ، فأجابهم المتبوعون : لو استطعنا دفع العذاب لدفعناه عن أنفسنا. هذا هو المعنى المراد من الهداية هنا ولا يستقيم إلا به (سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ). حيث انتهى كل شيء ، ولا يجدي جدال أو عتاب ، لأن الدار دار حساب وعقاب ، لا دار أقوال وأفعال.
__________________
(١). اشارة الى قول الحسين بن علي (ع) : لا أرى الموت الا سعادة ، والحياة مع الظالمين الا برما.