حلا سلميا أي على أساس انصاف الحلول التي يحصل عن طريقها المعتدي على شروط ومكاسب تشجعه على العدوان كلما سنحت الفرصة ، ثم يتعود انصاف الحلول ، ويحصل بها على ما يبتغي ، وهكذا دواليك ، حتى تتم له السيطرة على الجميع .. والسبيل الوحيد لاستئصال الداء من جذوره هو ما رسمه الله لنا بقوله : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) الذين تحرروا من الأحقاد والمطامع ، ووحدوا صفوفهم كافة لقتال عدوهم وعدو الله والانسانية.
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً). النسيء مصدر بمعنى الانساء أي التأخير ، والمراد به هنا ان المشركين كانوا يؤخرون حرمة شهر كالمحرم إلى شهر آخر لا حرمة له كصفر ، فإذا كان من مصلحتهم أن يقاتلوا في الشهر الحرام قاتلوا فيه ولم يبالوا ، ولكنهم يحرمون بدلا عنه شهرا آخر من أشهر الحلال لتكون الأشهر المحرمة أربعة من كل عام (لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ). وأوضح تفسير لهذا ما نقل عن ابن عباس : انهم ما أحلوا شهرا من الحرام إلا حرموا مكانه شهرا من الحلال ، وما حرموا شهرا من الحلال إلا أحلوا مكانه شهرا من الحرام ، لأجل أن يكون عدد الأشهر الحرام أربعة مطابقة لما ذكره الله ، وهذا هو المراد من المواطأة.
(زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ). الأهواء والاغراض هي التي تعمي صاحبها عن سوء عمله فتريه الشر خيرا ، والحسن قبيحا (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ). أي تركهم لما هم فيه بعد اليأس من هدايتهم. انظر ج ٢ ص ٣٩٩. الإضلال من الله سلبي. لا ايجابي.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ