والخلاصة ان الله سبحانه بعد أن هدد وتوعد المشركين والمعاندين قال في هذه الآية : ان كل ما في الكون ـ غير المشركين والمعاندين ـ هو خاضع ومنقاد لأمره.
(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ). كل المخلوقات والكائنات العلوية والسفلية تدل دلالة واضحة على وجود صانعها وباريها ، وعلى قدرته وعلمه وحكمته ، وهذه الدلالة هي بطبعها تسبيح وتمجيد وسجود وركوع للبارئ المصور ، وهذا هو معنى سجود الكائنات ـ غير العاقلة ـ وهو أيضا المراد من قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) ـ ٤٤ الاسراء». والغرض من ذكر الدابة والملائكة بعد ذكر ما في السموات وما في الأرض هو بيان الشمول لجميع المخلوقات بشتى أنواعها. وسبق الكلام عن ذلك عند تفسير الآية ١٣ و ١٥ من سورة الرعد.
(يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ). تدل هذه الآية صراحة على ان من آمن بالله خافه وأطاع أمره ونهيه ، وتدل ضمنا وتلويحا على ان من يعصي الله ، ثم يدعي الايمان به ، والخوف منه فهو كاذب في دعواه.
(وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٥١) وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ (٥٢) وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥))