(وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ). وما هو المبرر لطردهم؟. ألأنهم فقراء؟. وليس الفقر ذنبا عند الله. أو لأن إيمانهم زائف وغير صحيح فهم ذاهبون إلى ربهم، وهو أعلم بمقاصدهم وضمائرهم؟. (وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) والناس أعداء ما جهلوا.
(وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ) هل تدفعون عني أنتم أو غيركم عذابه ان فعلت ذلك (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) وكيف يتذكر من لا يخشى العواقب؟. (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ). هذا القول من نوح (ع) شرح وتفسير لقوله أولا : (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) وليس من شرط النذير ان يملك الأموال والأرزاق ، حتى يكذّب الفقير إذا ادعى الانذار باسم الله ، ولا من شرطه أيضا ان يعلم الغيب لترد دعواه النبوة إذا لم يخبر بالمغيبات ، ولا أن يكون ملكا من الملائكة كي يقال له : ما أنت إلا بشر.
(وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ). من الطبيعي أن يكون الترف هو مقياس الحق والخير عند المترفين ، بل وعند الجهلاء والسفهاء .. أما عند الله وأهل الله فمقياس الخير التقوى والعمل الصالح ، ونوح (ع) يقيس بمقياس الله ، فكيف يقول للمؤمنين : لن يؤتيكم الله خيرا؟ تماما كما قال لهم المترفون الطغاة .. اللهم الا إذا صار طاغية مثلهم (إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) كالذين أشركوا بالله ، وكفروا بكتبه ورسله.
(قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللهُ إِنْ شاءَ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ