(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً). بعد أن ذكر سبحانه ان في الأعراب منافقين ذكر ان هؤلاء ينفقون من أموالهم ، ولكن يرون هذا الإنفاق غرامة ظالمة ، لا شيء وراءها غير الخسران. وان الثواب والجزاء عليها يوم القيامة حديث خرافة. (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) ينتظرون أن يتغلب أعداء الإسلام على المسلمين ، ويتمنون القضاء عليه وعليهم ، ليستريحوا من هذه الغرامة الظالمة الخاسرة في عقيدتهم (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) قال جماعة من المفسرين : هذا دعاء على المنافقين أن يصيبهم ما تمنوه للمؤمنين. ويجوز أن يكون إخبارا عن الحال التي يكون عليها المنافقون يوم القيامة من العذاب والوبال (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يسمع ما يقولون ، ويعلم ما يكتمون.
(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ). ان أهل البادية كغيرهم ، منهم المنافق الذي يظهر خلاف ما يضمر ، ويرى ما ينفق مغرما ، لا واجبا ، كما أشارت الآية السابقة ، ومنهم المؤمن المخلص الذي ينفق لوجه الله وثوابه ، ورغبة في دعاء الرسول له بالبركة والاستغفار ، كما أشارت هذه الآية (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). ضمير انها يعود إلى النفقة المدلول عليها بينفق ، وقربة أي ان هذه النفقة تقربهم من الله زلفى ، والمعنى ان الذين آمنوا وأنفقوا تقربا الى الله فإنه يقبل نفقتهم ، ويدخلهم بسببها في جنته ، ويغفر لهم ما فرط منهم من الزلل والخطيئات.
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠) وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ