أي ضدهم .. وإذا كان الإيمان بالله ، والجهاد مع رسوله يعرضان مصالحهم للخطر فهم حرب على الله ورسوله فوق ألّا يؤمنوا بالله ويجاهدوا مع رسوله .. ولكن قد اعترضتهم مشكلة ، وهي كيف يرفضون دعوة الرسول للجهاد معه ، وفي الوقت نفسه يزعمون الإيمان بنبوته ، وأخيرا وجدوا الحل ، وهو أن يستأذنوه في القعود .. ولكن هذا الاستئذان قد فضحهم وكشف عن كفرهم ونفاقهم ، وانهم يتسترون باسم الإسلام خوفا على أنفسهم.
(رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) وهم العجزة والصبيان والنساء ، وكفى بذلك خزيا وهوانا (وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) طبع مبني للمجهول ، أي ان الأغراض والأهواء قد أعمت قلوبهم عن الحق ، وصدتهم عن اتباعه.
(لكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ). أي إذا تخلّف المنافقون عن الجهاد فقد قام به النبي ، والذين أخلصوا لله في ايمانهم ، فهو نظير قوله تعالى : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) ـ ٨٩ الانعام». (وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) والخيرات والفلاح دنيا وآخرة نتيجة حتمية للايمان بالله والجهاد في سبيل الحق والعدل ، ولا تختص كلمة الخيرات بالخير المادي فقط ، بل تشمل المادي والمعنوي معا ، وطريف قول بعض المفسرين : ان المراد بالخيرات هنا الحور العين دون غيرهن معبّرا بذلك عن أحب الأشياء الى قلبه ، كما يبدو.
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) تقدم نظيره في الآية ٧٢ من هذه السورة ، والسورة ١٥ من آل عمران.
(وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٠) لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ