أمر سبحانه بالإخلاص لله في العبادة ، والاعتراف لمحمد (ص) بالرسالة ، وبالاستغفار والتوبة ، بعد هذا ذكر سبحانه ان جزاء التائبين المطيعين في الدنيا ان لا يستأصلهم كما استأصل الكافرين من قبلهم ، بل يبقيهم الى ان يستوفوا آجالهم ، أما جزاؤهم في الآخرة فلكل من الثواب حسب عمله قلة وكثرة.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) بكثرة أهواله وشدتها ، وهي جزاء من تولّى وأعرض عن الحق (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وبقدرته يحيي الموتى ، ويجمع للحساب ، ويجزي كلا بما يستحق ، وهو القاهر فوق عباده.
(أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥))
اللغة :
ثنى الشيء عطف بعضه على بعض فطواه. والاستخفاء طلب خفاء الشيء. واستغشى الثوب تغطى به ، وهو كناية عن أخفى الحالات ، أي ان الله يعلم نواياهم ، ويعلم أيضا أخفى محاولاتهم لخفائها.
الإعراب :
الا أداة تنبيه. والمصدر المنسبك من ليستخفوا مجرور باللام ، والعامل فيه يثنون. وحين ظرف زمان متعلق بيعلم.
المعنى :
ضمير انهم للمشركين والمنافقين ، وضمير منه للنبي ، ومعنى الآية بمجموعها ان قوما كانت تنطوي قلوبهم على العداوة والبغضاء لرسول الله (ص) ، وكانوا يخفون ذلك عنه ، فأخبره الله بحقيقتهم ، وانه تعالى يعلم بخطرات قلوبهم ، وجميع حالاتهم ، وانه يعاقبهم عليها بما هم أهل له.