الجميل ، والتنكر لمن دعاه بالأمس الى قضاء حاجته خاضعا متذللا ، حتى إذا استجاب له ، وحصل منه على ما يريد تجاهله ، ومر به كأن لم يدعه الى ضر مسه؟ .. ولا يصح تفسير هذا العقوق بالأوضاع الفاسدة ، ولا بشيء الا بالاستهتار ، والكفر بالحق والقيم ، والإسراف في هذا الاستهتار والكفر (كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ). والذي زين لهم سوء أعمالهم هو اللامبالاة بشيء الا بمنافعهم وأطماعهم.
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ). هذا تهديد من الله للذين كذبوا محمدا (ص) بأن يحل بهم من العذاب ما حل بمن كان قبلهم من الأمم الذين كذبوا رسلهم. ومر نظير هذه الآية مع تفسيرها في سورة الأنعام الآية ٦.
(ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ). تمضي أمة وتخلفها أخرى ، أما الغاية من وجوه الإنسان في هذه الأرض فهو العلم والعمل النافع ..
وتسأل : ان الله سبحانه يقول : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ـ ٥٦ الذاريات». وتقول انت : ان الله خلق الإنسان للعلم والعمل النافع؟.
الجواب : ان المراد بالعبادة في الآية المذكورة العمل الصالح بدليل قوله تعالى : (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) ـ ١٠ فاطر». بل ان سبحانه خلق الكون بأرضه وسمائه من أجل العمل الصالح ، قال جلت عظمته : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) ـ ٧ هود». وبيّنّا معنى الابتلاء والاختبار من الله عند تفسير الآية ٩٤ من المائدة.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ