(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ). ولا يختص الذين ظلموا بالمعتدين على الناس وحرياتهم ، فقد جاء في الأخبار وفي نهج البلاغة :
«الظلم ثلاثة : ظلم لا يغفر ، وظلم لا يترك ، وظلم مغفور لا يطلب ، فاما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله ، واما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات ـ أي صغار الذنوب ـ واما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم لبعض».
ومعنى الركون الى الشيء الاعتماد عليه ، ولكن المراد بالركون الى الظالمين في الآية ما يعم السكوت عنهم لوجوب النهي عن المنكر ، وفي الحديث : «إذا رأى الناس المنكر بينهم ، فلم ينكروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه». وقال الإمام جعفر الصادق (ع) : «نصرة المؤمن على المؤمن فريضة واجبة». وفي كتاب الوسائل باب «الجهاد عن المعصوم» : ان المسلم يقاتل عن بيضة الإسلام ، أو عند الخوف على ديار المسلمين. واستنادا إلى هذه الأخبار وغيرها قسم الفقهاء الجهاد إلى نوعين :
الأول : جهاد الغزو في سبيل الله ، وانتشار الإسلام. الثاني : الدفاع عن الإسلام وبلاد المسلمين ، والدفاع عن النفس والمال والعرض ، بل الدفاع عن الحق إطلاقا ، سواء أكان له ، أم لغيره ، قال صاحب الجواهر : «إذا داهم عدو من الكفار يخشى منه على بيضة الإسلام ، أو يريد الكافر الاستيلاء على بلاد المسلمين ، وأسرهم وسبيهم وأخذ أموالهم ـ إذا كان كذلك وجب الدفاع على الحر والعبد الذكر والأنثى ، والسليم والمريض ، والأعمى والأعرج ، وغيرهم ان احتيج اليهم. ولا يتوقف الوجوب على حضور الإمام ، ولا اذنه ، ولا يختص بالمعتدى عليهم والمقصودين بالخصوص ، بل يجب النهوض على كل من علم بالحال ، وان لم يكن الاعتداء موجها اليه ، هذا إذا لم يعلم بأن من يراد الاعتداء عليهم قادرين على صد العدو ومقاومته ، ويتأكد الوجوب على الأقرب من مكان الهجوم فالأقرب».