شيء نعتذر له إذا لم نأته بأخينا ، وقد أكرمنا بما ترى من رد الثمن؟. (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) قيل : كانت نعالا وجلودا ، وقال بعض المفسرين الجدد : انهم وجدوا بضاعتهم ولم يجدوا قمحا ، وان يوسف لم يعطهم شيئا ليضطرهم الى العودة بأخيهم .. وهذا خطأ لأنه يتنافى مع ظاهر القرآن ، وهو قوله : (أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) بالاضافة الى ان منع الطعام عن الأهل والأقربين مع شدة حاجتهم اليه قسوة ولؤم ، ويوسف (ع) أجلّ وأعظم ، أما قولهم : منع عنا الكيل فالمراد به منع ثانية وفي المستقبل كما أشرنا.
(وَنَمِيرُ أَهْلَنا) نأتيهم بالميرة ، وهي الطعام (وَنَحْفَظُ أَخانا) من كل مكروه (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) لأن يوسف كان يعطي للرجل حمل بعير واحد اقتصادا في الطعام كي ينال منه الجميع ، فإذا صحبوا أخاهم معهم ازدادوا حملا من الطعام (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) أي ان زيادة الحمل ميسرة مع وجود أخينا ، أما بدونه فلا لأن العزيز لا يبيع للرجل إلا حملا واحدا في هذه الأزمة المجدبة ..
ورأى يعقوب ان الحاجة ماسة الى الطعام ، لأن ما جاءوا به من مصر أوشك على النفاد ، فاستسلم لضغط الحاجة ، لا لضغط أبنائه ، بالاضافة الى ثقته بالعزيز بعد ان سمع الكثير عنه ، ورأى من صنعه مع أولاده. (قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ). اذن لهم بأخيهم بنيامين على أن يعطوه عهدا أكيدا ان يرجعوه اليه سليما معافى إلا ان ينزل بهم ما لم يكن في الحسبان (فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ). فأعطوه العهد الذي أراد ، وأكدوا الايمان بأنهم يفدونه بالأرواح ، وعندها قال : الله وحده هو الشاهد على عهدكم هذا ، فان وفيتم جازاكم أحسن الجزاء ، وان غدرتم كافأكم بأشد العقوبات.
(وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ