(قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ). خاف عليه أبوه من اخوته ان هم سمعوا منه ما سمع ، وفهموا ما فهم ، لأنه يعرف غيرتهم مما خصه به من الحب والاعزاز ، فنصحه أن لا يحدثهم برؤياه خشية أن يثير حقدهم وكراهيتهم ، وان يغريهم الشيطان بالكيد له ، ونصب الحبائل لهلاكه. وسنتكلم عن الأحلام فيما يأتي من المناسبات.
(وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ). يجتبيك أي يصطفيك على غيرك ، ويفيض عليك بأنواع الكرامات ، وقيل : المراد بتأويل الأحاديث تعبير الرؤيا ، لأن يوسف قد بلغ الغاية في تفسيرها ومعرفة مآلها .. ولكن ظاهر اللفظ أعم من ذلك ، والأنسب بنبوة يوسف أن يكون تأويل الأحاديث كناية عن معرفة الحقائق ، وان الله سبحانه سيعلمه ما لم يكن يعلم.
(وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ). ان نعم الله سبحانه لا تعد ولا تحصى ، وأكملها إطلاقا النبوة والرسالة ، وقد أنعم الله بها على ابراهيم جد يعقوب ، وعلى اسحق جد يوسف ، وعلى يعقوب نفسه ، وسينعم بها على يوسف بعد هذه الرؤيا ، وعلى أكثر من واحد من أحفاد يعقوب (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). عليم بمن يجتبيه ويصطفيه للنبوة والرسالة ، حكيم في هذا الاصطفاء وفي جميع قضاياه.
(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ (٩) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي