(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا). بعد ان يئس أولاد يعقوب من تخليص أخيهم اعتزلوا الناس يتشاورون فيما يعتذرون لأبيهم (قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) قال بعض المفسرين : المراد كبيرهم عقلا ، لا سنا. وقال آخرون : بل سنا وعقلا ، وهذا هو المتبادر إلى الأذهان ، ومهما يكن فان هذا الكبير قال لإخوته : ان أباكم قد أخذ عليكم عهدا ، واستحلفكم أن تأتوه بأخيكم ، فما ذا تقولون له إذا ابتم اليه من دونه؟. (وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ) يشير الى القائهم إياه في الجب ، وما قاساه أبوهم نتيجة لذلك.
(فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ). قرر كبيرهم أن يبقى في جوار أخيه حياء وخجلا من أبيه ، وان لا يبرح الأرض التي فيها بنيامين الا بإذن من أبيه ، أو بفرج من الله بأي نحو شاء ، ولو بالموت. وما طال الأمد ، حتى جاء الفرج ، وانكشف الكرب عن الجميع ، ويأتي التفصيل.
(ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (٨١) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٨٢) قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤) قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (٨٥) قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ