مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ). لقد علموا ان أباهم يحب يوسف ، ويحب أن يتنعم ويفرح ، وعلموا أيضا شدة حرصه عليه ، فدخلوا الى نفسه من أبوابها .. يوسف يلعب ، وهم يحرسونه من كل مكروه .. حاميها حراميها. (قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ). اعتذر اليهم بأنه لا يطيق فراق يوسف. فضاعف هذا العذر من حقدهم على يوسف. وأيضا اعتذر بأنه يخاف عليه من الذئب ، وعقّب الرازي على هذا العذر بقوله : «وكأنه قد لقنهم الحجة ، وفي الأمثال : ان البلاء موكل بالمنطق».
(قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ). أي عاجزون لا نصلح لشيء : واغتر الشيخ بقولهم وأرسل معهم يوسف ، وكانوا من القوم الخاسرين (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ) ونفذوا ما أجمعوا عليه ، وهم يحسبون انهم قد أصابوا ما يريدون .. ولكن يوسف فوّض أمره الى الله فوقاه سيئات مكرهم (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ). فألقى الله في روع يوسف انك ناج من محنتك هذه ، وانك سوف تخبرهم بصنيعهم هذا دون أن يعرفوا من أنت.
وبهذه المناسبة نذكر أوجه الشبه بين بعض أولاد العلماء بالدين ، وأولاد إسرائيل وهو الاسم الثاني ليعقوب.
قال أولاد إسرائيل : «ان أبانا لفي ضلال مبين».
وبهذا الوصف ينعت بعض أولاد العلماء آباءهم إذا قالوا كلمة أو تصرفوا تصرفا لا يعجبهم ولا يتفق مع أهوائهم ، حتى ولو كان وحيا منزلا.
وقال أولاد إسرائيل : «اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين».
وهكذا يفعل بعض أولاد العلماء .. يتآمرون على الناصح الأمين ، ويدسون عليه الدسائس والمفتريات ليخلو لهم وجه أبيهم وللشياطين من أمثالهم ، ثم يوحون اليه