العفو والصفح بقولهم : «تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين».
(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ). ألقى أبناء إسرائيل يوسف في الجب ، لا لشيء إلا لأن أباه فضله عليهم بالعطف والحنان ، وحاربت قريش محمدا ، وبالغت في إيذائه ، وهو قرشي مثلهم ، لأن الله فضله عليهم ، وعلى الناس أجمعين ، ونصر الله يوسف على اخوته ، وكذلك نصر محمدا (ص) على عشيرته ، وفي ذلك عبر وعظات لمن أراد معرفة الحقائق ، ويعتبر بها.
(إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ). معنى هذه الآية وما بعدها ظاهر ، ومع هذا نعقب على كل آية بما يناسبها .. لما رأى أبناء إسرائيل ميل أبيهم الى يوسف وأخيه غلى الحقد والحسد في قلوبهم ، وقال بعضهم لبعض : ما الذي حمل هذا الشيخ على أن يؤثر هذين الصبيين علينا ، ونحن أكبر سنا ، وأشد قوة ، وأكثر نفعا وخدمة؟. إن هذا هو الحيف والضلال .. وكان يوسف وأخوه بنيامين من أم ثانية اسمها راحيل ، وكثيرا ما يكون تعدد الأمهات سببا للحقد والحسد بين بني العلّات.
(اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ). تآمروا على قتله ، لا لشيء باعترافهم إلا ليحتكروا عطف أبيهم من دونه .. وهذا هو منطق الاحتكار والمحتكر .. اقتل وشرد .. حتى الأقارب والأرحام حرصا على الأرباح والمكاسب.
(وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ). قال كثير من المفسرين : ان المراد بالصلاح هنا صلاح الدين ، وانهم يتوبون الى الله بعد فعلتهم الشنعاء. ولكن ظاهر السياق يدل على ان المراد بالصلاح صلاح شأنهم مع أبيهم ، وان يتفرغ لهم وحدهم.
(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ). السيارة هم المسافرون. وعن سفر التكوين من التوراة ان الذي أشار عليهم بهذا هو أخوهم روبين ، وانه قد كان في نيته أن يخرج يوسف من الجب بعد ذهاب اخوته.
(قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ). نحبه ونريد له الخير .. وهكذا الغادر الماكر في كل زمان ومكان ، ذئب في جلد حمل (أَرْسِلْهُ