(وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ). ظاهر اللفظ يدل على ان المعنى ولا تفسدوا في الأرض مفسدين ، لأن العثو والفساد بمعنى واحد ، فوجب إما تأويل كلمة العثو بالسعي ، ويكون المعنى ولا تسعوا في الأرض مفسدين ، وإما تأويل كلمة مفسدين بمتعمدين ، ويكون المعنى ولا تفسدوا في الأرض متعمدين أو معتدين ، وذلك بأن تثيروا الحرب وتسفكوا الدماء بلا سبب موجب ، اما إذا كانت الحرب للقضاء على الفساد والحرب فيكون تركها ، والحال هذه ، هو الفساد ، ومن هنا كان الجهاد من أفضل الطاعات. وهذا التأويل أرجح من غيره.
(بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). ان الحلال الطيب خير وأبقى وان قل ، والحرام الخبيث شر محض وان كثر ، ولو بحثنا عن أسباب الحروب في هذا العصر لوجدناها تكمن في الاحتكارات وتكدس الثروات في ايدي القلة القليلة ، وحرمان الاكثرية الغالبة .. ومن الصدف اني قرأت في صحف اليوم ٢٤ / ١٢ / ١٩٦٨ ان جماعة من اللندنيين تظاهروا بالأمس متوجهين الى قصر باكنجهام ، وقدموا مذكرة الى الملكة يطالبونها بأن تتخلى عن قصرها الذي يستوعب ألف شخص ، بينما لا يجد ٦ آلاف شخص مسكنا لهم في لندن وحدها .. (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) يمنعكم عن المعصية بالقهر والغلبة ، ولا مهمة لي سوى النصح والتبليغ ، وقد أديتها كاملة ، وخرجت من عهدتها ومسؤوليتها.
(قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ