والأعمال ، فما السبب في هذا التباين والتفاوت؟ فلا أراه يلجأ في الجواب إلا إلى الحصر». أي الضيق.
وتسأل : ان لدارون ان يجيب السيد الافغاني بأن علماء النبات يعرفون الأسباب الطبيعية لهذا الاختلاف ، ويستطيعون الكشف عنها لكل طالب وراغب .. فلا ضرورة ، والحال هذه ، إلى افتراض وجود المدبر فيما وراء الطبيعة؟.
الجواب : لو سلمنا جدلا بأن علماء النبات يعرفون ذلك فان لمعرفتهم حدا تقف عنده ولا تتجاوزه ، وهو السبب القريب المباشر للتفاوت .. ولو سألوا عن السبب البعيد الذي أوجد السبب القريب لم يجدوا تفسيرا له إلا بأحد فرضين : اما الصدفة ، واما وجود مدبر حكيم وراء الطبيعة ، والفرض الأول باطل لأن الصدفة لا تتكرر ولا تدوم ، فتعين الثاني .. وسبق البيان أكثر من مرة ان من عادة القرآن أن يسند لله جميع الحوادث الطبيعية المتولدة من أسبابها الكونية ، من باب اسناد الشيء الى فاعله الأول لهدف التذكير بالله ، وانه خالق الكون بأرضه وسمائه.
وتقول : ان للدهريين أيضا ان يسألوا بدورهم عن السبب لوجود المدبر وراء الطبيعة؟.
ونجيب بأن هذا السؤال غير وارد من أساسه لأن الفرض ان المدبر لا سبب له ، وانه هو سبب الأسباب ، فالسؤال عن سببه تماما كالسؤال : من خلق الله بعد الفرض انه خالق غير مخلوق ، وكالسؤال عن سبب صدق العين فيما ترى ، والاذن فيما تسمع مع الفرض انهما حجة قاطعة لكل شك وشبهة.
(وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ