(فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ). عاهدوا الله أن يتقوه ويشكروه إذا كشف عنهم ، ولما فعل نكثوا العهد ، وهذا تكرار للآية السابقة بتعبير آخر ، قال سبحانه في الآية السابقة : إذا لهم مكر في آياتنا ، وقال في هذه الآية : إذا هم يبغون في الأرض ، والمعنى واحد أو المعنيان متلازمان متشابكان ، والغاية إبراز عتوهم وتمردهم في أقبح الصور.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) لأن من سل سيف البغي قتل به (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). قد يفرح الباغي ويطرب من نشوة النصر ، ولكن الى حين ، ثم تأتي الزفرات والحسرات ، قال رسول الله (ص) : ثلاث هن رواجع على أهلها : المكر ، ولا يحيق المكر السيء الا بأهله ، والنكث ، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ، والبغي ، يا أيها الناس انما بغيكم على أنفسكم.
(إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢٤) وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥))
اللغة :
للزخرف معان ، منها الذهب ، ومنها حسن الشيء في مظهره. وغني بالمكان أقام فيه ، والمغاني المنازل. والمراد بدار السلام هنا الجنة.