ينزل عليهم الملائكة ، فأجابهم الله سبحانه هناك بأن الملائكة تنزل على المكذبين والمعاندين بالعذاب والهلاك ، ثم عقب سبحانه في هذه الآية على الجواب السابق بأن الله لو فتح لهم أبواب السماء وصعدوا فيها بأجسامهم ورأوا الملائكة وغيرها من العجائب لقالوا : ان محمدا سحر أبصارنا وأرانا الخيال واقعا والواقع خيالا. وسبق نظيره في سورة الأنعام الآية ٧ ج ٣ ص ١٦٣.
(وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ). قال بعض المفسرين : المراد بالبروج النجوم. وقال آخرون ، بل المراد بها منازل الشمس والقمر ، ومهما يكن معنى البروج فليس الغرض من الآية أن ندرس علم الفلك لنعرف حقيقة البروج ، وانما الغرض الأول أن نتدبر قدرة الله وحكمته في خلق السموات والأرض ، وان ما في الكون من الدقة والتنظيم والجمال لأوضح في الدلالة على وجود الله ووحدانيته من نزول الملائكة ، وكل ما اقترحه المتعنتون من المعجزات.
(وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ). كان أهل الجاهلية يعتقدون ان لكل كاهن من الكهنة شيطان يصعد الى السماء ، فيستمع من الملائكة ما يتحدثون به عن أهل الأرض ، ثم ينزل الشيطان الى الكاهن فيخبره بما سمع ، والكاهن بدوره يفشيه بين الناس. والآيتان بمجموعهما رد وتكذيب لهذه الأسطورة ، وان الشياطين لا يستطيعون الوصول الى السماء بحال ، وقوله : (شِهابٌ مُبِينٌ) كناية عن ان الشياطين أعجز وأحقر من أن تسترق السمع من الملائكة كما زعم أهل الجاهلية.
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا