بالكلام ، ولذا قال تعالى : ان القرآن ذو بيان وفصاحة فكيف يمكن أن يصدر عن أعجمي؟ .. ان فاقد الشيء لا يعطيه.
ردد هذا الافتراء أعداء الإسلام في حياة محمد (ص) ، ورددوه من بعده أيضا ، وما زال كثير من المبشرين النصارى يجترون هذا الافتراء جاهلين أو متجاهلين بأن في القرآن علوما وفنونا وحكما لم يكن لها في ذاك العهد عين ولا أثر .. ولو افترض وجودها فلا يمكن أن يجمعها ويعلمها واحد ، ولو علمها لتجاوزت شهرته شهرة أرسطو الذي أسماه العرب بالمعلم الأول .. مع العلم بأنه ما ادعى أحد ان رجلا كان في عهد رسول الله يجمع علوم القرآن.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ). المراد بآيات الله الدلائل الناطقة بوجوده ، والمعجزات الشاهدة بنبوّة الأنبياء ، والأحكام المنزلة من الله عليهم ، أما الهداية فالمراد بها هنا الثواب ، والمعنى ان الله سبحانه لا يثيب ، بل يعاقب من يكفر بآياته بشتى أنواعها.
(إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ) ولا بالبعث والحساب والجزاء كالمشركين الذين قالوا لمحمد (ص) ما قالوه (وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ). انهم يجرءون على الكذب وعلى جميع المفاسد والآثام لأنهم لا يخشون عقابا على الكذب ، ولا يرجون ثوابا على الصدق.
وتسأل : ان قوله تعالى : «انما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون» يغني عن قوله : «وأولئك هم الكاذبون». فما هو القصد من هذا التكرار؟.
وأجاب المفسرون بأن القصد منه التنبيه الى ان صفة الكذب فيهم ثابتة راسخة تماما كما تقول لمن عرف بالكذب : كذبت وأنت الكاذب أي ان دأبك وشأنك الكذب.
سؤال ثان : قال سبحانه : (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ). وهذا حصر للكذب بالكافرين مع ان كثيرا من الكافرين أصدق وأوثق في أحاديثهم من كثير من الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر؟.
الجواب : ان المسلم الكاذب مؤمن بالله نظريا ، وكافر عمليا ، فهو بوصفه