ثبتهم على المقام في بلدهم ، حتى يروا هلاك أموالهم رأي العين ، والذي نراه أن اشدد هنا مأخوذة من الشدة والبلاء ضد الراحة والرخاء ، أي ان موسى (ع) سأل الله تعالى أن ينزل الشدائد على قلوبهم ، وهذا يتناسب تماما مع سؤاله ان ينزلها الله على أموالهم. (فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ). هذه الجملة معطوفة على ليضلوا عن سبيلك ، والمعنى ان عاقبة تقلب فرعون وملئه في نعم الله ان ضلوا وأصروا على الكفر ، وان لا يؤمنوا إلا عند حلول العذاب حيث لا يقبل الإيمان .. وليس من شك ان موسى (ع) ما دعا عليهم وقال هذا القول إلا بعد اليأس من صلاحهم.
(قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) وهي انزال الآفات على أموال فرعون وملئه ، والمصائب والشدائد على قلوبهم (فَاسْتَقِيما) على الطريقة التي أنتما عليها من الجهاد في سبيل الدعوة الى الحق. (وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) عظمة الله وحكمته .. وجاز هنا نهي المعصوم عن الذنب لأنه من الله ، لا من سواه ، فإن من شأن الأعلى أن يأمر وينهى من دونه كائنة ما تكون منزلته.
(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (٩٢) وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ