ولم يجد حجة يتذرع بها أخذ باللف والدوران ، وقاس الأشياء بخياله وأوهامه ، وهذه هي بالذات حال المشركين مع محمد (ص) .. أتاهم بالدلائل والبينات ، ولما عجزوا عن ردها قالوا : كيف يكون نبيا ، وله نساء وأولاد؟. وهذا المنطق العليل يتفق تماما مع منطق الذين آمنوا بالرهبانية وقد رد الله عليهم بأن محمدا كنوح وابراهيم وإسماعيل وغيرهم من الأنبياء والرسل الذين لهم نساء وأبناء ، فأي عجب في ذلك؟. وفي الحديث عن النبي (ص) انه قال : «أما أنا فأصوم وأفطر وأقوم وأنام ، وآكل اللحم ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني».
(وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ). وهذا رد أيضا على المشركين الذين اقترحوا على رسول الله أن يأتيهم بما يهوون من المعجزات .. ووجه الرد ، ان الله سبحانه قد زود نبيه محمدا بما هو كاف واف في الدلالة على نبوته لمن تدبر واعتبر ، وطلب الحق لوجه الحق ، أما الاستجابة لأهواء العنود المكابر فلا يحتمها عقل ولا عرف ، وأمرها متروك الى الله وحكمته جل وعز (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ). لكل شيء أجل معجزة كان أو عذابا أو غيرهما ، والأجل محتوم لا يتقدم ولا يتأخر ، وهو مكتوم أيضا لا يعلمه الا الله.
(يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣))