فنترك الكلام في ذلك لعلماء الآثار .. وعلى أية حال فان بيان هذه القصص بلسان محمد (ص) دليل قاطع على نبوته ، وانها من وحي السماء ، لا من نسيج الخيال ، ولا نقلا عمن قال.
(وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بتكذيبهم رسل الله وإصرارهم على الشرك والفساد ، وقد تكرر هذا المعنى في القرآن الكريم بحوالى عشرين آية (فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ). آلهتهم أصنامهم ، وواو زادوهم تعود اليها ، وأمر ربك عذابه ، والتتبيب التخسير ، وفي الآية ٦٣ من هذه السورة : (فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ). ويتلخص المعنى بقوله تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) ـ ٥٥ الفرقان».
(وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ) اي ان الله سبحانه يهلك الكافرين الظالمين بمثل الطوفان والخسف وصيحة العذاب (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) ولكن بعد الانذار والإعذار بلسان رسل الله مشافهة ومجابهة وجها لوجه .. وقلنا مشافهة ومجابهة لأن الكفر والفساد في هذا العصر أكثر منه في أي عصر مضى ، والاعذار والإنذار موجودان فيه بحكم العقل والكتب السماوية والأحاديث النبوية ، ومع ذلك لا طوفان ولا خسف ولا حجارة من سجيل ، ولا نعرف سرا لذلك إلا الظن بأن مشيئة الله تعالى قضت بهلاك الذين يجابهون أنبياءهم بالتكذيب ، دون الذين يعصون الوحي والعقل .. والظن لا يغني عن الحق. والله أعلم.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا