(وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ) المعنى ظاهر ، ولما لم يجد المفسرون ما يقولونه اختلفوا في الدم الذي جاء به أولاد إسرائيل : هل هو دم ظبي أو دم سخلة. وقال آخر : على هنا بمعنى فوق. وقال غيره : لما رأى يعقوب قميص ابنه صحيحا قال : والله ما رأيت أحلم من هذا الذئب أكل ابني ولم يمزق قميصه ، أما نحن فنؤمن بأن يعقوب (قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ). هذا ما نزل به الوحي في جواب يعقوب لأولاده ، ولا دليل على غيره. وتومئ الآية إلى أن يعقوب شعر بكذبهم لحسدهم الشديد ليوسف ، ولكنه صبر مفوّضا أمره الى الله.
(وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) جماعة من المسافرين ، وفي سفر التكوين من التوراة انهم كانوا من الاسماعيليين أي من العرب لأنهم ينتهون بنسبهم الى إسماعيل بن ابراهيم (ع). (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ) أي من يرد الماء ويأتيهم به (فَأَدْلى دَلْوَهُ) أرسله في البئر ولما رأى الوارد يوسف في البئر (قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ) يبشر نفسه أو جماعته بهذه الغنيمة ، فأخرجوه من البئر (وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً) أي من الناس ، لئلا يتعرف عليه أهله ، واعتبره السيارة رقيقا من جملة سلعهم التجارية (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ). هذا تهديد للسيارة أخفوا أمره ، وعرضوه للبيع على انه رقيق ، وهو حر.
(وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ). شرى الشيء باعه. واشتراه ابتاعه. والبخس القليل الناقص عن ثمن المثل. وقال كثير من المفسرين : ان أهل ذاك الزمان كانوا يزنون الثمن إذا كان كثيرا ، ويعدونه إذا كان قليلا ، وان قوله تعالى : دراهم معدودات يشير الى قلة ثمن يوسف (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) حيث تعجلوا التخلص منه بأبخس الأثمان ، لئلا يتهموا بسرقته.
(وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا