وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) وما يذكر إلا أولو الألباب ، وقد أعمت الشهوات قلوبهم وألبابهم.
(وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ). هذا هو شأن المنافقين في كل زمان ومكان ، إذا عجزوا عن مجابهة الحق ، ومواجهة الحجة بالحجة ، تسارقوا النظر وتغامزوا وتضاحكوا معبرين بذلك عن رسوخهم في الكفر والضلالة ، وعدم الارعواء عن الباطل .. (هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ) أي يقولون هذا بلسان المقال أو الحال : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) ـ ١٠٧ النساء».
(ثُمَّ انْصَرَفُوا) أي فعلوا فعلتهم وانصرفوا إلى شأنهم غافلين عن جريمتهم كأن لم يفعلوا شيئا (صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ). صرف الله قلوبهم عن الحق بعد أن أقام عليه الحجج والبينات ، وبعد ان عاندوه ورفضوا التسليم له ، فهم السبب المباشر للصرف ، وأسند الى الله بواسطتهم ، وقد جرت عادة القرآن الكريم ان يضيف الى الله الكثير من أفعال عباده بالنظر الى انه خالقهم والمتصرف في الكون وأشيائه.
(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٢٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩))
اللغة :
عزيز عليه أي شاقّ عليه. والعنت الشدة والمشقة. والحرص على الشيء الشح به لشديد الرغبة فيه.