(لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ). ان في البعث حكما عديدة : منها تمييز الخبيث من الطيب ، والمحسن من المسيء ، وجزاء كل بما يستحق ، ومنها ان الله سبحانه يبين للخلائق الحق الذي اختلفوا فيه كالتوحيد والنبوة والحلال والحرام (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) ومنها أيضا أن يعلم الذين أقسموا ان الله لا يبعث أحدا ، ان يعلموا ويتأكدوا انهم كانوا كاذبين في ايمانهم.
(إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). بدأ الله الخلق بكلمة كن ، ويعيده أيضا بهذه الكلمة : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ـ ٢٧ الروم».
(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً). هذه الآية تنطبق تماما على المهاجرين من صحابة رسول الله (ص) الذين أبلوا البلاء الحسن في نصرته ، وفارقوا الدنيا والأهل والمال فرارا بدينهم ، واتباعا لنبيهم ابتغاء مرضاة الله ورسوله ، أما الحسنة التي منحهم الله إياها في الدنيا قبل الآخرة فهي ديارهم وأملاكهم الجديدة بالمدينة فإنها خير وأفضل من ديارهم بمكة (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) من الدنيا وما فيها (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ). ضمير كانوا ويعلمون يعودان الى المشركين الذين أنكروا البعث ، أما المؤمنون وبخاصة صحابة الرسول (ص) فإنهم يعلمون علم اليقين ان ثواب الآخرة أكبر وأعظم. وتكلمنا عن الهجرة والمهاجرين في ج ٢ ص ٤١٩ وما بعدها ، وعن المهاجرين والأنصار في ج ٣ ص ٥١٠ وما بعدها.
(الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). ان للمؤمن الحق صفات وعلامات ، وأهمها انكار الذات ، والتضحية في سبيل الله ، والصبر على تحمّل الأذى والمشاق من أجل احقاق الحق ، وإبطال الباطل ، والتوكل على الله وحده ، لا على المال والجاه والأنساب تماما كما كان صحابة الرسول الأعظم (ص).
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ