الإعراب :
جهد ايمانهم مفعول مطلق لأقسموا لأن جهد الايمان أغلظها ، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال أي جاهدين في ايمانهم. وبلى حرف جواب ، وتختص بالنفي أو ما في حكمه كالاستفهام ، وتفيد إبطال النفي واثبات المنفي. وعدا منصوب على المصدرية ، ومثله حقا أي وعد وعدا ، وحق حقا. ليبين منصوب بأن مضمرة ، والمصدر مجرور باللام ومتعلق بفعل محذوف أي يبعثهم من أجل البيان والافهام ، ومثله ليعلم. وانما قولنا (انما) مركبة من كلمتين انّ وما الكافة عن العمل ، وقولنا مبتدأ ، ولشيء متعلق بقولنا ، وإذا ظرف زمان أي وقت ارادتنا ، وهو متعلق بقولنا. والمصدر من أن نقول له كن خبر المبتدأ ، وكن هنا تامة ، ومثلها فيكون ، وجملة فيكون خبر لمبتدأ محذوف أي فهو يكون.
المعنى :
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ). في الآية ٢٠ من هذه السورة قال تعالى للمشركين : انكم تعبدون مخلوقا غير خالق ، وفي الآية ٢٤ حكى عنهم القول : انهم يصفون القرآن بأساطير الأولين ، وفي الآية ٣٥ ذكر سبحانه انهم أسندوا شركهم وشرك آبائهم الى الله ، وقال تعالى في الآية التي نفسرها : ان المشركين ينكرون البعث ، ويقسمون الايمان المغلظة ، ويجتهدون فيها انه من مات فات لأن الشيء متى تفرقت أجزاؤه فلن يعود ثانية كما كان .. وتكلمنا عن ذلك فيما سبق مرات. أنظر : طرق متنوعة لاثبات المعاد ج ٢ ص ٣٩٦. والماديون والحياة بعد الموت عند تفسير الآية ٥ من سورة الرعد.
(بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ). كان المشركون يؤمنون بوجود الله ووجود الشركاء له ، وينكرون البعث ، ولأنهم يؤمنون بوجود الله جاء الرد عليهم بأن البعث واقع لا محالة ، لأن الله الذي يؤمنون به هو الذي وعد بالبعث ووعده الحق وقوله الصدق .. أما جمع الأجزاء بعد تفرقها فأهون عليه من خلقها وإيجادها ، لأن من أوجد شيئا من لا شيء فبالأولى أن يوجده من أجزاء متفرقة.