أَفَلا تَعْقِلُونَ). ان من عاش في قومه أربعين عاما من قبل أن يوحى اليه لم يقرأ فيها كتابا ، ولم يلقن من أحد علما ، ولا بدرت منه أية بادرة يؤاخذ عليها ، بل كانت حياته كلها فضائل ومكرمات ، وصدقا وأمانة حتى سمي الصادق الأمين ، أفلا تعقلون ان من كان هذا شأنه فهو أبعد الناس عن الكذب والافتراء؟ .. هذا ، إلى أن حقائق القرآن حجة كافية وافية في الدلالة على صدقه وعظمته.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ). معنى افترى على الله كذبا انه نسب إلى دين الله ما هو بريء منه ، ومعنى كذّب بآياته انه نفى عنه ما هو منه في الصميم ، وهذه هي البدعة التي قال عنها الرسول الأعظم : «كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار» (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) لأن طريق الفلاح والنجاة هو الصدق والإخلاص ، أما الكذب والافتراء فهو طريق الهلاك والخذلان ، ولا يسلكه إلا شقي مجرم.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨) وَما كانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩) وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٢٠))
المعنى :
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ). هؤلاء هم الذين قالوا