لرسول الله (ص) : ائت بقرآن غير هذا أو بدله. فقد كانوا يعبدون الأصنام معتقدين انها تنفع وتضر بدليل قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) ولكن اعتقادهم لا يقوم على أساس سوى الوهم والخيال .. وقد أمر الله محمدا (ص) أن يقول مكذبا زعمهم: (أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ). ادعى المشركون ان أصنامهم تشفع لهم عند الله ، ولو كان هذا حقا لعلم الله بهذه الشفاعة ، وحيث انه لا يعلم بها وجب أن تكون دعوى المشركين كذبا وافتراء.
(وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً) على فطرة الله التي فطر الناس عليها ، ثم شتّتهم الهوى عن أصلهم ، وفرّقهم شيعا في دينهم بعد أن اهتدوا الى ملذات الحياة ، وتسابقوا الى نيلها (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ). المراد بكلمة الله هنا عدم التعجيل بالعقوبة للعصاة ، وبالمثوبة للطائعين ، بل يؤخرهم جميعا الى يوم يبعثون ، ليبلغ كل انسان بإرادته الى ما يرتضيه لنفسه من خير أو شر ، وفضيلة أو رذيلة ، ولو عجل الله بالعقوبة الى من أساء من الناس لقضي بينهم بالوفاق وعدم الاختلاف ، ولكن خوفا لا طوعا .. وليس من شك ان هذا إلجاء يبطل معه الثواب والعقاب ، ونقض لحكمته تعالى التي قضت بأن يظهر كل انسان على حقيقته عن طريق ما يزاوله من أعمال ، ويختاره لنفسه من كمال .. ومر نظير هذه الآية في سورة البقرة الآية ٢١٣ ، وفي سورة المائدة الآية ٤٨.
(وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ). لقد أنزل الله على محمد (ص) العديد من الآيات والمعجزات ، ولكن المشركين الذين قالوا هذا يريدون آية على أهوائهم ، ومعجزة هم يقترحونها ويفرضونها مثل قولهم : (لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ) ـ ١١٨ البقرة». وقولهم : (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) ـ ٧ الفرقان» ، وما الى ذلك من لغوهم وعبثهم. وسبق الكلام عن اقتراحاتهم الفاسدة في ج ١ ص ١٨٨ عند تفسير الآية ١١٨ من سورة البقرة.
(فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ). أي قل يا محمد لهؤلاء المعاندين : ان الآية التي طلبتموها هي في يد الله ، وليس لي من الأمر