ونقل الطبري في تفسير هذه الآية ان عمر بن الخطاب قال : «الذين بدلوا نعمة الله كفرا ، وأحلوا قومهم دار البوار هما الأفجران من قريش : بنو المغيرة ، وبنو أمية ، فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر ، وأما بنو أمية ، فمتعوا الى حين».
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ). جعلوا لله شركاء يحبونهم كحبه ، ويعبدونهم كعبادته .. ومن الواضح انهم فعلوا ذلك بقصد ان يهتدوا لا ان يضلوا عن سواء السبيل ، ومن أجل هذا تكون اللام في ليضلوا لام النتيجة والعاقبة ، ويكون المعنى ان المشركين عبدوا الأصنام بقصد ان يهتدوا بها ، وتقربهم من الله زلفى ، فكانت النتيجة الضلال والهلاك والبعد عن الله ورحمته ، فاللام هنا تماما كاللام في : لدوا للموت وابنوا للخراب (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ). أمر الله نبيه ان يحذر المشركين من سوء العاقبة والمصير ، ويقول لهم : ان متاع الدنيا قليل وان راق لكم ، والآخرة خير لمن اتقى .. ولكن .. هل تجدي لغة الحق والواقع مع الذين لا تحركهم الا الأرباح والمكاسب!
(قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) التي تذكر المصلي بالله وتحذره من العذاب والعقاب ، وتخلق فيه وازعا ورادعا عن المآثم والجرائم ، ان كان حقا من المؤمنين الصالحين (وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً). الزكاة أخت الصلاة ، هذه تذكر المصلي بالله ، وتلك تقربه عند الله زلفى ، ومر نظيره في الآية ٢٧٤ من سورة البقرة ج ١ ص ٤٢٥ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ). والبيع هنا كناية عن الفدية ، والخلال الصداقة ، والمعنى ان من أنفق من ماله في سبيل الله انتفع بهذا الإنفاق في اليوم الآخر ، ومن بخل به كان عليه حسرة وعذابا ، ولا يجديه شيء في ذلك اليوم حيث لا فدية ولا صداقة ، ومر نظيره في الآية ١٨ من سورة الرعد.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ