يَتَّقُونَ). سبق نظيره مع التفسير في ج ١ ص ٢٥١ الآية ١٦٤ من سورة البقرة.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) هذه الآية تهديد ووعيد لمن لا يؤمن بالآخرة وحسابها ، ويقول : من مات فات ، مندفعا مع أهوائه وشهواته ، غافلا عن الكون وما فيه من عبر وعظات ، وعن دعوة الأنبياء والمصلحين ، منصرفا عن كل شيء الا عن الدنيا وملذاتها (أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ). هذا جزاء من كذب باليوم الآخر ، واتخذ إلهه هواه غير مكترث بحق ولا بعدل .. وتجدر الاشارة الى ان هذا التهديد والوعيد لا يختص بمن كفر بلقاء الله قولا وعملا ، فإنه يشمل أيضا من آمن به نظريا ، وجحده عمليا .. فالذين يصلّون ويصومون ويؤمنون بالحساب والعقاب ، ثم لا يتورعون عن حرمات الله فهم في نار جهنم مع من جحد وعاند جزاء بما كسبت يداه.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ). المراد بالهداية هنا الثواب ، أي ان الله يثيبهم بسبب إيمانهم .. ذكر سبحانه في الآية السابقة الجاحدين وأوصافهم ومآلهم ، وذكر في هذه الآية المؤمنين وأوصافهم ومآلهم ، كعادته جل ثناؤه من المقابلة بين الأضداد وصفا ومآلا ، فالمؤمنون على عكس الجاحدين يرجون لقاء الله ، ويتورعون عن محارمه عملا بمقتضى دينهم وإيمانهم ، والله سبحانه يثيبهم بجنات تجري من تحتها الأنهار .. وقد جاء في الحديث : ان الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة : اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي .. أين المتقون؟. هذا هو نداء الله يوم الحق والفصل : أين المتقون الصادقون في أقوالهم ، المخلصون في أعمالهم ، أما نداء الشيطان في هذه الدار ، دار الظلم والفساد فأين الطغاة المجرمون المتهتكون المفسدون؟.
وكل من أكرم مؤمنا تقيا لإيمانه وتقواه فقد نادى بنداء الله : أين المتقون؟. وكل من احترم طاغية لاجرامه فقد نادى بنداء الشيطان : أين المجرمون؟. قال