مبتدأ ثان ، والنار خبره ، والجملة من الثاني وخبره خبر الأول ، والأول وخبره خبر ان الذين لا يرجون. ودعواهم مبتدأ ، وسبحانك منصوب على المصدر وهو ساد مسد الخبر ، أو ان خبر المبتدأ محذوف تقديره قولهم سبحانك. وان الحمد (ان) مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن المحذوف ، أي انه الحمد ، والجملة خبر آخر ودعواهم مجرور بالاضافة.
المعنى :
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً). قيل : ان الضياء والنور كلمتان مترادفتان تعبّر ان عن معنى واحد. وقيل : ان معنى كل يختلف عن معنى الأخرى ، فكلمة الضوء تدل على ما كان نوره ذاتيا ، وليس مستمدا من غيره كضوء الشمس ، وكلمة النور تدل على ما كان نوره مكتسبا من الغير كنور القمر ، فإنه مكتسب من الشمس .. ويلاحظ بأن الآية لم ترد لبيان شيء من ذلك ، وانما القصد التنبيه على وحدانية الله وقدرته ، تماما كالآية التي بعدها بلا فاصل ، وان الحكمة من كوكب الشمس والقمر ما أشار اليه بقوله :
(وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ). الضمير في قدره يعود الى القمر ، والمعنى ان الله سبحانه جعل للقمر منازل ثابتة لا تتغير ولا تتبدل ، تماما كغيره من سنن الطبيعة ، والقصد من هذا الثبات هو ضبط الأوقات الذي لا تتم الحياة الا به ، وتكلمنا عن ذلك عند تفسير الآية ٣٦ من سورة التوبة والآية ٩٦ من سورة الأنعام. (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). لقد فصل سبحانه آيات الكون خلقا وإيجادا ، وشرحا وبيانا ليتدبرها كل من وهبه الله الاستعداد للتأمل والتعقل الذي يؤدي الى الايمان بالله وقدرته وحكمته .. وسبق أكثر من مرة انه جل وعز يسند اليه الظواهر الكونية ، والتغيرات الجارية على سننها الطبيعية ، يسندها اليه من باب اسناد الفعل الى سببه الأول الكامن وراء الظواهر ، ليبقى الإنسان دائما على تذكّر من الخالق المتصرف في الكون.
(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ