السؤال يحمل معه الجواب ، ولا يستطيع المسئول إنكاره أمر الله محمدا ان يجيب عنهم (قُلِ اللهُ).
(قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا). مرة ثانية ، وتأكيدا للحجة يأمر الله محمدا ان يقول للمشركين : انكم تعبدون أحجارا لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا فكيف تملك ذلك لغيرها؟ .. وليست هذه الآية ردا على المشركين وحدهم بل هي رد أيضا على من قال : ان في عقول الناس غنى عن إرسال الرسل وإنزال الكتب من السماء ، فلقد كان عبدة الأحجار ، وما زالوا من أهل العقول عند أنفسهم وعند كثير من الناس.
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) المراد بالأعمى الكافر لأنه لم يفرق بين الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، وبين مالك الضر والنفع .. والمراد بالبصير المؤمن الذي يفرق بينهما (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) الظلمات كناية عن الكفر ، والنور كناية عن الإيمان ، قال تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) ـ ١ ابراهيم» أي من الكفر إلى الإيمان.
(أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ). هذا رد على المشركين ، وخلاصته ان الأحجار التي تعبدونها لا تخلق شيئا مثل خلق الله كي تقولوا : الله يخلق ، والأصنام أيضا تخلق مثله تماما ، وإذا كان الله مستحقا للألوهية والعبادة فهي أيضا تستحق الألوهية والعبادة ، والتوضيح فيما يلي.
تنقسم معرفة الإنسان إلى قسمين : فطرية ذاتية ، ونظرية اجتهادية ، والفطرية هي التي لا تحتاج إلى جد واجتهاد ، بل تحصل تلقائيا بمجرد التصور ، كالعلم بأن النور غير الظلام ، والعمى غير البصر ، والطول غير القصر ، والحجر مخلوق غير خالق ، ويشترك في هذه المعرفة (١) العالم والجهل على السواء ، ومن أخطأ فيها
__________________
(١). فرق البعض بين العلم والمعرفة بأن العلم يتعلق بالكليات ، والمعرفة تتعلق بالجزئيات ، اما نحن فلا نجد فرقا بينهما ، قال تعالى : «قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ» ولم يقل قد عرف ، مع العلم بأن مشرب كل سبط من أسباط إسرائيل كان خاصا.