المعنى :
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ). ان ايام الله تعالى ليست كأيامنا هذه ، ومن اين تأتي الأيام قبل ان يوجد الكون؟. اذن ، فالمراد بالأيام هنا الدفعات او الأطوار ، اما العرش فالمراد به الاستيلاء ، وتقدمت هذه الآية مع تفسيرها في سورة الأعراف الآية ٥٤.
(ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) هذا كقوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) ـ ٢٥٥ البقرة» ، وتفسيره في ج ١ ص ٣٩٤.
(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) لأنه هو الذي يستحق العبادة ، اما المال والأنساب والسلطان فليست بآلهة تعبد ، ولا قوة يخضع لها (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) اي أفلا تعقلون بأن الله وحده هو الجدير بالطاعة والعبادة.
(إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ). ان مسألة بداية الخلق وإعادته هي احدى المشكلات الفلسفية الكبرى .. فبعض الناس يقولون : ان الكون وجد من تلقاء نفسه ومن غير موجد .. وهؤلاء أشبه بمن رأى كلاما مكتوبا ، فقال : انه وجد صدفة ، لا لشيء الا لأنه لم ير الكاتب رأي العين. ان الذي خطّ سطور الكون أعظم بكثير من الذي خط حبرا على ورق ، والعيون احقر من ان تراه ، ورأته العقول من الطرق التي تؤدي حتما الى الايمان .. وقد وضعنا في هذه الطرق كتابين : «الله والعقل» و «وفلسفة المبدأ والمعاد» ، ولخصنا بعضها في ج ١ ص ٥٩ وج ٢ ص ٢٣٠ من هذا التفسير.
اما بعث الأموات واعادتهم ثانية للحساب والجزاء فقد نزل به الوحي ، ولا يأباه العقل فوجب التصديق والايمان به.
وقد بيّن سبحانه الحكمة من اعادة الموتى بقوله : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ). أقدر الله سبحانه الإنسان على الفعل ، ومنحه عقلا يميز به بين