الْإِيمانِ). يشمل كل معصية بطبيعة الحال ، فإذا كان أبوك او أخوك مسلما ، وظلم سواه فعليك ان تنصر المظلوم على الظالم ، وان كان أباك او أخاك (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). جاء في الحديث : «العامل بالظلم والمعين عليه والراضي به شركاء». وبكلمة ان الحق فوق القرابة والصداقة.
(قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ). قيل : نزلت هذه الآية في حادثة خاصة ، وقد يكون هذا حقا ، ولكن لفظها عام ، وكذلك حكمها ، فهي تحدد المؤمن بحد واضح ودقيق ، فمن آثر الحق على مصلحته الخاصة عند صراعهما واصطدامهما فهو مؤمن وطيب ، ومن آثر مصلحته على الحق فهو منافق وخبيث .. هذا هو مفترق الطريق بين المؤمن وغير المؤمن ، كما حددته الآية ، وما جاء فيها من ذكر الأرحام والأموال والمساكن انما ذكر على سبيل المثال لمن قدم منفعته على الحق الذي عبر عنه تعالى بحب الله ورسوله ، وإلا فإن هناك منافع اخرى كالحرص على الحياة ، وحب الجاه والسلطان ، وما اليهما.
والإنسان بفطرته يحب نفسه واهله وأمواله ، والدين لا يأبى ذلك ، ولا يحجر على احد ان يستمتع بما يشاء ، ويحب من يريد ، شريطة أن يتقي الله في هذا الاستمتاع والحب ، وان يكون على حساب جهوده ، لا على حساب الآخرين .. فعن البخاري ان عمر بن الخطاب قال للنبي (ص) : «لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبي ، فقال النبي (ص) : لا والذي نفسي بيده ، حتى أكون أحب اليك من نفسك التي بين جنبيك». ولا معنى لحب النبي (ص) الا طاعته والعمل بشريعته. وتكلمنا عن هذا الموضوع في ج ٢ ص ٤٥٧ عند تفسير الآية ١٣٥ من سورة النساء.
(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ