المكر والمؤامرة التي دبرها كفار قريش لقتل النبي (ص) ، وهو نائم في فراشه ، وإلى نجاته منهم بمبيت عليّ في مكانه ، وهجرته من مكة إلى المدينة بعد أن أطلعه الله على كيدهم ومكرهم .. وتكلمنا عن ذلك عند تفسير الآية ٣٠ من سورة الأنفال. (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا). المراد بثاني اثنين والصاحب ، أبو بكر ، لأنه كان مع النبي في هجرته ، وقد اختبآ معا من المشركين في غار جبل ثور. قال الرازي : «لما طلب المشركون الأثر وقربوا من الغار بكى أبو بكر خوفا على النبي ، فقال له : لا تحزن إن الله معنا. فقال أبو بكر : إن الله معنا. فقال الرسول : نعم».
(فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها). قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره (النهر المارد من البحر) : «قال ابن عباس : السكينة الرحمة والوقار. والضمير في عليه عائد على رسول الله (ص) ، إذ هو المحدث عنه» ويتفق هذا مع قول شيخ الأزهر المراغي ، حيث قال في تفسيره ما نصه بالحرف : «أي فأنزل الله طمأنينته التي يسكن عندها القلب على رسوله ، وقوّاه بجنود من عنده وهم الملائكة». وأيضا يتفق مع سياق الآية لأن الضمائر في نصره وأخرجه وأيده كلها تعود إلى النبي (ص). (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى ، وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا). كلمة الله هي التوحيد ، وكلمة الذين كفروا هي الشرك والكفر.(وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وقد اقتضت حكمته أن ينصر نبيه بعزته ، ويظهر دينه على جميع الأديان.
(انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١) لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا