بالمغفرة هنا الامهال وعدم تعجيل العقوبة على الذنب ، والقرينة على ذلك قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ) لأن المغفرة لا تجتمع بحال مع العقوبة الأخروية فضلا عن شدتها ، والمعنى ان الله سبحانه لا يعاقب العبد بمجرد ان يذنب ويسيء ، وانما يؤخره ، ويفتح له باب التوبة على مصراعيه ، عسى أن يرجع عن غيه ، ويثوب إلى رشده.
وقيل في تفسير الآية : ان الله تعالى يغفر الذنوب للعصاة من المسلمين ، ويشدد العقاب على الكافرين .. وهذا التفسير خلاف الظاهر ، بالاضافة إلى أنه إغراء بالمعصية ، وتشجيع للعصاة .. والحق ما قلناه ، والدليل قوله تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ) ـ ٦١ النحل». فإن القرآن ينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ). مر نظيره في الآية ٣٧ من الأنعام ج ٣ ص ١٨٤. وتكلمنا مفصلا عن معجزة محمد (ص) وطلب المكابرين عند تفسير الآية ١١٨ من سورة البقرة ص ١٨٩.
(اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩) سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١))