والعبقريات والعادات إلى ما لا نهاية ، أما العقل الالكتروني فإنه محدود ، وخاضع لما يقرر له الإنسان».
٤ ـ «ان أعظم اكتشاف للنحل ـ غير ما هو معروف عنه ـ انه عرف قبل الإنسان جهاز التكييف ، فإذا ارتفعت درجة الحرارة في خلية النحل يذهب فوج منه ويأتي بالماء في خراطيمه ويضعه في خزان ، حتى إذا اجتمع منه قدر الكفاية قام فوج آخر برشه ، وهزّ ثالث أجنحته ليصنع تيارا من الهواء ، فيتبخر الماء بسرعة ، ومع هذا التبخر تنخفض درجة الحرارة» (١).
من الذي ألهم النحل الى الاختراع ، الصدفة ، أو ان وراء الطبيعة قوة وحقيقة هي المدخل الى الطبيعة ونظامها؟ .. وللنحل والنمل وغيرهما حكايات تفوق التصور ولا تفسير لها إلا بوجود مدبر حكيم .. ونعود الى قول فولتير الذي أشرنا اليه فيما سبق أكثر من مرة ، وهو «امام الفكرة في وجود الله عقبات ، ولكن في الفكرة المضادة حماقات .. وهكذا ينتقل الإنسان من شك إلى شك حتى يصل الى ان التصديق بالله هو الأقرب ، وبه تتعلق القوانين الضرورية للعالم».
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ). المراد بالسيئة هنا العقاب ، وبالحسنة الثواب ، وبالمثلات العقوبات .. دعا رسول الله (ص) المشركين إلى التوحيد ، ووعدهم بالثواب ان استجابوا ، وتوعدهم بالعقاب ان استنكفوا ، وبدلا من ان يستجيبوا ويتوبوا من الشرك ازدادوا تمردا وطغيانا ، وأخذتهم العزة بالإثم ، وقالوا : عجل لنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين ، قالوا هذا ولم يعتبروا بالأمم الخالية الذين عصوا رسل ربهم ، فأخذهم الله أخذا وبيلا.
وتجدر الاشارة الى ان الغفلة عن الاعتبار والاتعاظ لا تختص بالمشركين وحدهم فإن أكثر الناس لا يعتبرون بالغير ، ولا يتعظون بالعبر ، حتى الواعظين .. والسر أن الاكثرية الغالبة تنقاد لمصلحتها وعاطفتها ، لا لعقلها ودينها ، وفي الأمثال الغربية : المرأة تقود الرجل من بطنه لا من عقله.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ). المراد
__________________
(١). مجلة روز اليوسف المصرية عدد ٢٧ / ١ / ١٩٦٩ عن كتاب بين الإنسان والآلة. السيبر ناطيقا تأليف يلنيا سابارينا.