والمعاد» طبع ونفدت نسخه في أمد قصير ، ثم قرأت بعده كثيرا عن الماديين والردود عليهم ، من ذلك :
١ ـ يجب على منطق الماديين ان لا يوجد أي فرق بين الإنسان صانع المعجزات وبين أحقر الحشرات التي تولدت من العفونة والقذارات ، ما دام كل منهما ابنا شرعيا للصدفة والطبيعة العمياء ولم تنله يد العناية والتدبير.
٢ ـ لقد وجد العلماء في دماغ الإنسان ١٤ ألف مليون خط منسقة ومرتبة ترتيبا محكما ودقيقا ، يعجز عنه أعظم المهندسين بل كلهم مجتمعين ، بحيث إذا انحرف واحد منها قيد شعرة عن موقعه ذهب ادراك الإنسان أو اضطرب ، تماما كما يحدث لنور الكهرباء إذا اختلت الأسلاك .. ولا تفسير لذلك عند العقل إذا لم يفرض وجود مدبر حكيم لا يحس بالعين أو الأذن أو اليد أو الأنف أو اللسان .. ومهما بلغت الصدفة من المعجزات والخوارق فإنها لا تنشئ محطة كهرباء واحدة ، وتوصل بها ١٤ ألف مليون خط محكمة الصنع والوضع في آن واحد ، فكيف إذا كانت هذه المحطات على عدد رؤوس الآدميين وأدمغتهم؟ .. وفوق ذلك أنها تحس وتشعر.
٣ ـ يقول الماديون : ان دماغ الإنسان ، تماما كالعقل الالكتروني ، كلاهما مجموعة من أجزاء جامدة مرتبة ومنسقة على شكل تترتب عليه تلك الآثار والمعطيات .. وأجابهم العالم الفرنسي «كوسا» بقوله : «إذا زعقت سيارتي القديمة ، وتأوهت مثل المصاب بآلام الروماتزم فهل يمكنني أن أقول : ان سيارتي تعاني من آلام الروماتزم؟. وإذا حشرج فيها الكاربوريتر عند ما أضغط على البنزين فهل يمكن أن أقول : انه مصاب بالربو؟» ..
ونعطف نحن على قول هذا العالم ان الترتيب والتنسيق في العقل الالكتروني جاء من فعل الإنسان ما في ذلك ريب ، ولكن من الذي رتب ونسق دماغ الإنسان؟ وإذا اخترع الإنسان عقلا الكترونيا فهل يستطيع هذا العقل الالكتروني أن يخترع عقلا مثله أو دونه ولو دبوسا؟. وفي كتاب «العمل والمخ» للعالم السوفيتي يوري باخلوف ، ترجمة شكري عازر : «الذين يظنون ان في إمكان الآلة أن تحل محل المخ الانساني يخطئون خطأ جسيما .. ان المخ الانساني يمتاز بقابليته لتلقّي المهارات