المعنى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ). في الآية السابقة وصف سبحانه اليهود والنصارى بأنهم يتخذون رؤساءهم الدينيين أربابا من دون الله ، وفي هذه الآية وصف أولئك الرؤساء بأكل المال بالباطل ، والصد عن سبيل الله ، والمراد بأكل المال بالباطل أخذه بغير وجه شرعي ، كالرشوة على الحكم بغير الحق ، والربا الذي فشا بين اليهود ، وبيع صكوك الغفران عند الكاثوليك ، وما إلى ذلك. قال المؤرخون : مر على رجال الكنيسة عهد كانوا فيه من أغنى الفئات.
والمراد بصدهم عن سبيل الله تحجيرهم على العقول ، ومنع الناس من اعتناق الإسلام ، بل وحملهم على الطعن فيه وفي نبيه .. لقد ثار فولتر على الكنيسة ، ونعى على رجالها تكالبهم على المال ، وطعن في التوراة لما فيها من التناقض والاحالة والقحة على حد تعبيره ، فحرمته الكنيسة ، وطالب بعض رجالها بسجنه مدى الحياة (١) فانهارت أعصاب الأديب الفرنسي من الخوف ، ولم يجد وسيلة للخلاص إلا أن يستشفع لدى البابا بنوا الرابع عشر بكتاب يؤلفه في سب محمد (ص) ، ففعل وعفت عنه الكنيسة ، وباركت الكتاب والكاتب.
(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ). لقد كثر الكلام حول هذه الآية ، حتى ان بعضهم استدل بها على ثبوت الاشتراكية في الإسلام ، وشطح آخرون في زعمهم ان أبا ذر كان اشتراكيا ، لأنه كان يهدد بهذه الآية الذين استأثروا بمال الله دون عياله .. وفيما يلي نعرض معنى الآية ، وكل ما يتصل به من قريب أو بعيد ، وفي ضوئه نحاكم قول من استدل بالآية على اشتراكية أبي ذر.
__________________
(١). كتاب فولتر لجوستاف لانسون ترجمة محمد غنيمي هلال.