١ ـ قال معاوية بن أبي سفيان : هذه الآية نزلت في اهل الكتاب ، ولا تشمل المسلمين ، اي ان للمسلمين في نظره ان يكنزوا من المال ما يشاءون ولا ينفقوا منه شيئا في سبيل الله ، ونقل هذا القول عن عثمان بن عفان .. فعن «الدرّ المنثور» للسيوطي ان عثمان لما كتب المصاحف أرادوا ان يحذفوا الواو من قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) ليكون الكانزون صفة للأحبار والرهبان ، فعارض بعض الصحابة ، وقال : لتلحقن الواو ، او لأضعن سيفي على عاتقي فألحقوها.
والصحيح ان الآية تشمل كل من يكنز المال ولا ينفقه في سبيل الله مسلما كان او غير مسلم عملا بعموم اللفظ ، فقد روي عن زيد بن وهب انه مر بالربذة ، فرأى أبا ذر ، قال له : ما أنزلك هنا؟ قال : كنت بالشام ، فقرأت والذين يكنزون الذهب والفضة ، فقال معاوية : ليست هذه الآية فينا ، انها في اهل الكتاب ، فقلت : انها فينا وفيهم ، فشكاني إلى عثمان ، فأبعدني إلى حيث ترى.
٢ ـ الكنز في اللغة الجمع ، يقال : كنز المال إذا جمعه ، ولفظ الذهب والفضة خاص ، ولكن الحكم عام يشمل المال بشتى اصنافه ، حتى الأرض والمعادن والشجر والبناء والماشية والمعامل والمراكب ، لأن الذين هددهم الله بعذاب أليم هم الأثرياء الأشحاء ، وليس خصوص مالكي الذهب والفضة المضروبين نقدا .. والا كان ملوك النفط ومن اليهم اسعد الناس وأكرمهم عند الله دنيا وآخرة ، والذي يدلنا على ارادة العموم انه لما نزلت هذه الآية كبر ذلك على المسلمين ، لأنهم فهموا منها جميع الأموال ، ولما سألوا النبي (ص) أقرهم على فهمهم ، وقال لهم : ان الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيّب بها ما بقي من أموالكم ، وإنما فرض المواريث عن أموال تبقى بعدكم.
٣ ـ الإنفاق في سبيل الله يشمل الجهاد للدفاع عن الدين والوطن ، وبناء المدارس والمصحات ودور الأيتام ، والصدقات على الفقراء ، والإنفاق على الأهل والعيال ، وأفضل موارد الإنفاق ما فيه إعزاز الحق واهله.
٤ ـ أجمعت المذاهب الأربعة على انه ليس في المال حق غير الزكاة.