(احكام القرآن لأبي بكر المعافري الأندلسي). وقال اكثر فقهاء الشيعة الإمامية : ليس في المال حق غير الخمس والزكاة. وقال الشيخ الطوسي : ان فيه حقا آخر ، وهو ما أشار اليه الإمام جعفر الصادق بقوله : ان الله فرض في اموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة ، لأنه قال : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) ـ ١٩ الذاريات». والحق المعلوم هو شيء يفرضه الرجل على نفسه بقدر طاقته وسعته ، فيؤدي الذي فرض ، ان شاء في كل يوم ، أو في كل جمعة ، او في كل شهر ، قلّ او كثر غير انه يداوم عليه .. ولكن قول الإمام : (يفرضه الرجل على نفسه) يشعر بالاستحباب ، لا بالوجوب لأن الواجب فرض من الله لا من سواه.
والذي نراه ـ بعد ان تتبعنا آي الذكر الحكيم ـ ان على الأغنياء وجوبا لا استحبابا ان يبذلوا من أموالهم ـ غير الخمس والزكاة ـ للدفاع عن الدين والوطن عند الاقتضاء ، وعلى ولي المسلمين ان يجبرهم على ذلك ، بل وعلى الجهاد بالنفس إذا اقتضت الحال. وآيات هذا الباب تعد بالعشرات.
٥ ـ (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ). هذا كناية عن شدة العذاب وهوله ، وهو نظير الآية ١٨٠ من سورة آل عمران : (سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ).
٦ ـ تبين مما قدمنا ان الآية تدل نصا وفحوى على ان الأغنياء يجب عليهم أن ينفقوا جزءا من أموالهم في سبيل الله ، وان من أمسك يده عن الإنفاق عاقبه الله بالعذاب الأليم ، أما مقدار هذا الجزء ، وهل هو الخمس أو العشر ، أر أقل أو اكثر ، أو هو من الزكاة او من غيرها ، اما هذا فلا تدل عليه الآية بالعبارة ولا بالاشارة ، فأين ـ إذن ـ مكان الدلالة فيها على الاشتراكية؟. ان الاشتراكية نظام اقتصادي ينظر قبل كل شيء إلى وسائل الانتاج كالأرض وما اليها ، ويحدد مالكها ، ثم ينظر إلى الانتاج نفسه وطرق نموه وزيادته وكيفية توزيعه .. وهذا شيء. وحث الأغنياء على البذل شيء آخر.
وبهذا يتبين ان قول من قال : ان أبا ذر كان اشتراكيا لأنه هدد الأغنياء بهذه