ثم قال صاحب الجواهر : «ودفاع الإنسان عن نفسه واجب ، وان لم يظن سلامتها ، لأنه معرض للخطر على كل حال ، أما دفاعه عن عرضه وماله فواجب ان غلب على ظنه السلامة بنفسه مخافة ان تذهب النفس مع العرض والمال. وكذا يجب على الإنسان أن يدافع عن حياة الغير وماله وعرضه بشرط أن يغلب على ظنه السلامة بنفسه».
وأفتى الفقهاء بوجوب إنقاذ الغريق ، وإطفاء الحريق إذا شب في مال الغير ، وبأن على المصلي أن يقطع صلاته ليدفع الخطر عن نفس محترمة أو مال يجب حفظه سواء أكان له أم لغيره ، وان من رأى طفلا في فلاة لا يستقل بدفع الأذى عن نفسه وجب عليه التقاطه وحفظه. وروي ان ثلاثة نفر رفعوا الى الإمام علي (ع) : واحدا أمسك رجلا ، والثاني قتله ، والثالث رأى ولم يحرك ساكنا ، فقضى بقتل القاتل ، وسجن الممسك مؤبدا ، وان تسمل عينا الممسك. وقد عمل الفقهاء بهذه الرواية.
ويجد الباحث المتتبع لكتب الفقه الكثير من هذا النوع ، وفيه الدلالة القاطعة على ان نصرة الإنسان لأخيه الإنسان ونجدته تجب شرعا إذا توقف عليها صيانة أمر هام.
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ). والطرف الأول من النهار الصبح ، والثاني الظهر والعصر ، والزلف من الليل المغرب والعشاء. وفي الآية ٧٨ من سورة الاسراء : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) ودلوك الشمس زوالها ، وهو وقت صلاة الظهر وبعدها العصر ، وغسق الليل ظلمته ، وهو وقت صلاة المغرب وبعدها العشاء ، وقرآن الفجر يعني صلاة الصبح يشهدها الناس ، والتفصيل في كتب الفقه ومنها الجزء الأول من فقه الإمام الصادق.
(إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ). نقل صاحب مجمع البيان عن أكثر المفسرين ان المراد بالحسنات هنا الصلوات الخمس ، وانها تكفّر ما بينها من الذنوب. وقال آخرون : بل المراد بها مجرد قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر. وكل من التفسيرين يرفضه العقل والفطرة ، حيث لا ترابط ولا تلازم بين الأحكام والتكاليف لا شرعا ولا عقلا ولا قانونا ولا عرفا .. فطاعة أي حكم وجوبا كان أو تحريما لا تناط بطاعة غيره أو معصيته. أما حديث كلما صلى صلاة كفّر ما بينهما من الذنوب ، وما اليه فهو كناية عن ان الصلاة كثيرة