نحدد الشهر ، ومتى عرفنا الشهر عرفنا السنة.
وعلى هذا تكون الأشهر القمرية هي الأشهر الجارية على سنن الطبيعة دون غيرها ، ومن أجل هذا وقّت الله بها الحج والصيام وعدة المطلّقات والرضاع ، كما وقّت الصلاة اليومية بالشمس لأنها السبيل لمعرفة أجزاء اليوم. وبكلمة ان الشمس لمعرفة الساعات ، والقمر لمعرفة الأشهر. وعلى هذا الأساس كان الإنسان الأول يحسب أوقاته. قال الرازي : «ان مذهب العرب من الزمان الأول أن تكون السنة قمرية ، لا شمسية ، وهذا حكم ورثوه عن إبراهيم واسمعيل».
وفي بعض التفاسير ان الحكمة من جعل الحج والصيام في الشهر القمري هي أن يدورا في جميع فصول السنة وأجزائها ، يسهلان تارة ويشقان أخرى .. ولا يستند هذا الاجتهاد إلى أصل ، ولكن لا مانع منه ، حيث لم يقصد به إثبات حكم شرعي : وإنما هو لبيان مصلحة الحكم الثابت شرعا.
(مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) من هذه الأربعة ثلاثة متتابعة : ذو القعدة ، وذو الحجة والمحرم ، وشهر واحد فرد ، وهو رجب ، وسميت حرما لتحريم القتال فيها في الجاهلية والإسلام ، وسبق الكلام عن ذلك أكثر من مرة. (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) أي ان تقسيم الأشهر إلى اثني عشر شهرا على الحساب القمري هو التقسيم الصحيح ، ولا يجوز التحريف فيها ولا في الأشهر الحرم بالهوى والغرض (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) باستحلال القتال في الأشهر الحرم ، ولا باعتداء بعضكم على بعض في أي وقت من الأوقات ، وكل من عصى الله في كبيرة أو صغيرة فقد ظلم نفسه بتعرضها لعذاب الله وغضبه.
(وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً). هذا هو الداء الشافي والعلاج السليم .. النفير العام ، والجهاد الشامل سنة الله في خلقه ، ولن تجد لسنة الله تبديلا ، أما أنصاف الحلول فخضوع واستسلام للظلم والعدوان .. لقد تظاهر الصهاينة والمستعمرون كافة على العرب والمسلمين كافة بلا استثناء ، وأقاموا على أرض العرب قاعدة عسكرية عدوانية ، أطلقوا عليها اسم دولة إسرائيل ، لينطلقوا منها للاعتداء على البلاد العربية والاسلامية .. نحن الآن في شهر تشرين الأول من سنة ١٩٦٨ ، والاتصالات مستمرة داخل الأمم المتحدة وخارجها لحل مشكلة الشرق الأوسط