ان (مثل) مبتدأ أول وأعمالهم مبتدأ ثان ، وكرماد خبره ، والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول. وفي يوم متعلق بمحذوف حالا من الريح. وعاصف صفة للريح ، وفاعله محذوف أي عاصف ريحه. وذلك مبتدأ والضلال خبر ، وهو ضمير فصل لا محل له من الإعراب. من العذاب متعلق بمحذوف حالا من شيء ، وقدم الحال على صاحبه لأن صاحبه نكرة ، ومن شيء (من) زائدة عند أبي البقاء ، لأنها في سياق الاستفهام ، وهو شبيه بالنفي ، وشيء مفعول مغنون لأنه بمعنى تمنعون ، والتقدير هل تمنعون عنا من العذاب شيئا.
المعنى :
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ). قال كثير من المفسرين : المراد من الآية ان الكافر لا يثاب على عمل البر ، كالصدقة ونحوها .. وفي رأينا ان كل من فعل الخير بدافع انساني فقد عمل الله أراد ذلك ، أم لم يرد ، وليس من شك ان من عمل لله فأجره على الله لأنه عادل وحكيم ، وأثابه بنحو من الانحاء ، اما في الدنيا ، واما في الآخرة بتخفيف العذاب ، وليس من الضروري ان لا يدخله النار إطلاقا ، فإن آلاء الله لا تحصى كما ولا كيفا. وتكلمنا عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ١٧٨ من سورة آل عمران بعنوان : «الكافر وعمل الخير» ج ٢ ص ٢١١.
وعلى هذا يكون معنى الآية ان أي انسان يعمل الخير بدافع تجاري ، لا انساني كالذي ينفق على المشاريع الخيرية أيام الانتخابات ، ان عمل هذا ومن اليه ليس بشيء عند الله ، بل هو أشبه بهواء في شبك ، أو برماد تذروه الرياح ، سواء أكان العامل مسلما أو غير مسلم. قال الإمام علي (ع) : «اعملوا بغير رياء ولا سمعة فإنه من عمل لغير الله يكله الله الى من عمل له».
وتسأل : إذا كان هذا الحكم يعم الكافر وغيره فلما ذا ذكرت الآية الكافر وحده؟ الجواب : ان ذكر الكافر بالخصوص لا ينفي الحكم عن غيره ، وانما خصص بالذكر لأنه أظهر الأفراد.