عطف المشركين على أهل الكتاب في الآية ١٠٥ من سورة البقرة : (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ). والآية ١ من البينة : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) والعطف يشعر بأن المعطوف غير المعطوف عليه ، مع العلم بأن كلا من عطف التفسير ، وعطف الخاص على العام ، والعام على الخاص جائز ، ولكن مع القرينة.
واختلف الفقهاء في منع الكفار من المساجد. قال الشافعي : يمنعون من المسجد الحرام دون غيره. وقال مالك : يمنعون من كل مسجد. وقال أبو حنيفة : لا يمنعون إطلاقا ، لا من المسجد الحرام ولا من غيره (الرازي عند تفسير هذه الآية).
والذي نراه ان النجس يجب منعه من كل مسجد ، وان كان فيه وجب إخراجه منه ، سواء أكان النجس إنسانا ، أم حيوانا ، أم غيرهما ، وسواء أكانت النجاسة متعدية تستلزم تلويث المسجد وهتكه ، ام لم تكن ، والدليل على ذلك ان الآية أطلقت حكم التحريم ، ولم تقيده بشيء.
ونريد بالإنسان النجس الجاحد وعابد الأوثان ، أما اهل الكتاب فقد أثبتنا طهارتهم عند تفسير الآية ٥ من سورة المائدة.
وتسأل : ان قوله تعالى : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ). يدل على صحة قول الشافعي من ان المنع خاص بالمسجد الحرام ، دون غيره ، لأنه لم يقل : فلا يقربوا كل مسجد.
الجواب : ان مجموع الآية يدل على العموم ، لا على الخصوص ، لأن المتبادر إلى الأذهان من الآية بمجموعها ان علة المنع من الدخول هي النجاسة واحترام المسجد عند الله ، وليس من شك ان كل مسجد هو محترم عند الله لأنه منسوب اليه جلّت عظمته .. والحكم يدور مع علته اثباتا ونفيا. ولذا أجمع الفقهاء على تحريم الوسكي ، مع أنه لا نص عليها بالخصوص اكتفاء بالنص على علة التحريم ، وهو الإسكار.
(وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). كان المشركون في جميع أنحاء الجزيرة العربية يقصدون مكة للحج والتجارة ،