انه شقي وذميم .. والدنيا بداية ، والآخرة نهاية ، وفيها ينكشف القناع والغطاء ، ويعرف كل انسان مصيره ومآله ، حيث لا تزييف ولا تحريف ، وهذا هو معنى قوله تعالى : (لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ).
٤ ـ (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ). أما وعد الله فهو البعث والحساب والجزاء : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) ـ ٩٣ الحجر». أما وعد الشيطان فهو على النقيض من وعد الله : لا بعث ولا حساب ولا جنة ولا نار : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) ـ ٢٩ الأنعام». هذا ما كان يقوله الشيطان لأوليائه في الحياة الدنيا حيث التزوير والتمويه ، أما في اليوم الآخر حيث لا شيء إلا الحق والعدل فإن الشيطان يظهر على حقيقته ، ويصدق في قوله ولهجته ، وكان من قبل يعلم الناس الكذب والإفك.
٥ ـ (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) أبدا لا حول ولا طول للشيطان باعترافه الا دعوة الباطل والضلال والمكر والخداع ، ولا يستجيب له ولدعوته إلا ضعفاء العقول والنفوس والإيمان ، وقوله : وما كان لي عليكم من سلطان هو بالحرف ما قاله الله له : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) ـ ٤٢ الحجر».
٦ ـ (فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ). وإذا كان الويل لمن كفّره النمرود فكيف بمن كفّره إبليس؟. وإذا تعوذ الناس من الشيطان فكيف بمن وبخه وتعوذ منه الشيطان؟ .. هذا هو مصير من يخذل الحق والصالحين ، ويناصر الفساد والمفسدين ، وينعق مع كل ناعق .. وقد رأينا كثيرا من شياطين الانس يغررون بالمراهقين وضعاف العقول ، ويغرونهم بالتخريب واشاعة الفوضى ، حتى إذا لقوا ما كسبت أيديهم قال لهم شياطينهم عين ما قاله إبليس لأتباعه وأوليائه عند الحساب والجزاء.
(ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) الصارخ هو المستغيث ، والمصرخ هو المغيث ، والمعنى ان الشيطان يقول غدا لأتباعه : ما أنا بمغن عنكم شيئا ، ولا أنتم مغنون عني شيئا ، وليست بيني وبينكم أية صلة (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ). يقول إبليس لمن استجاب له : لقد اطعتموني فيما دعوتكم اليه ،