نقل عن الشيخ تحريم القراءة في الجهرية إذا سمع قراءة الامام ولو همهمة قال : ولعله استند إلى رواية يونس بن يعقوب ثم أورد بعده الخبر الأول ثم قال : والأولى أن يكون النهى على الكراهة لرواية عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد الله عليهالسلام (١) : إنما أمر بالجهر لينصت من خلفه. الى آخر ما في الرواية الثانية ، فانظر الى هذا الدليل العليل إذ لا ريب في أن ظاهر النهي في الخبرين اللذين نقلهما أولا هو التحريم لأنه المعنى الحقيقي للنهى كما هو الأشهر الأظهر ، والخروج عنه الى الحمل على الكراهة مجاز يحتاج إلى قرينة ظاهرة ، ودعوى إيذان التعليل بالإنصات بالاستحباب ممنوعة ، فإن علل الشرع ليست من قبيل العلل الحقيقية وانما هي معرفات والتعليل هنا إنما وقع بيانا للحكمة وإلا فالعلة الحقيقية إنما هي أمر الشارع فيتحقق الوجوب ونهيه فيتحقق التحريم. هذا مع قطع النظر عن ملاحظة ما ذكرنا من الأخبار الظاهرة العلية المنار الساطعة الأنوار في الدلالة على ما هو المختار.
وقال في الروض ـ بعد أن نقل عن المصنف كراهة القراءة خلف الإمام المرضي إلا إذا لم يسمع ولو همهمة ـ ما صورته : أما كراهة القراءة خلفه فلقوله تعالى «وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا» (٢) وقول النبي صلىاللهعليهوآله (٣) «انما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا». وقول الصادق عليهالسلام (٤) : «من ارتضيت قراءته فلا تقرأ خلفه». وحمل الأمر على الندب والنهى على الكراهة
__________________
(١) ص ١٢٧.
(٢) سورة الأعراف الآية ٢٠٣.
(٣) في سنن ابى داود ج ١ ص ١٦٤ باب (الامام يصلى من قعود) عن أبي هريرة قال : «قال رسول الله (ص) انما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر ، وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع ، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد». ثم روى هذا الحديث من طريق آخر عن أبي هريرة أيضا بزيادة قوله في آخره «وإذا قرأ فأنصتوا» ثم قال وهذه الزيادة ليست بمحفوظة والوهم انما هو من ابى خالد.
(٤) لم نقف على اللفظ المذكور وانما الموجود في الرواية الثامنة «من رضيت به فلا تقرأ خلفه».