ذائع في الأخبار فالانسحاب فيها من ما لا وجه له بالكلية ، ويلزم على ما ذكره انجرار هذا الحكم وانسحابه الى قوله : «فليلبث قليلا إذا قام الامام بقدر ما يتشهد» فينبغي بمقتضى ما ذكره أن يحمل اللبث هنا الذي هو عبارة عن الجلوس للتشهد في هذا المقام على الاستحباب مع ان هذه الرواية هي مستند الأصحاب في وجوب لتشهد على المسبوق. على انه ما ذكره من كون الأمر بالتجافي وعدم التمكن محمولا على الاستحباب محل كلام ، فان بعض الأصحاب ذهب الى وجوبه استنادا الى هذه الرواية والى ما رواه في كتاب معاني الأخبار عن الصادق عليهالسلام (١) قال : «إذا أجلسك الإمام في موضع يجب أن تقوم فيه فتجاف». ونقل القول بالوجوب شيخنا الشهيد في الذكرى عن ابن بابويه.
الثالث ـ ان ما طعن به على صحيحة زرارة ـ من كون الأمر بالقراءة فيها في النفس وهو لا يدل على الوجوب ـ كلام ظاهري فإن هذه العبارة من ما شاع في الأخبار التعبير بها في مقام الكناية عن الإخفات والمبالغة فيه ، حيث انه يكره للمأموم هنا أن يسمع الإمام شيئا من ما يقوم كما دلت عليه الأخبار.
ومثل ذلك ما ورد في الاقتداء بالمخالف مع وجوب القراءة خلفه اتفاقا من قوله عليهالسلام (٢) : «يجزئك إذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النفس».
وأبلغ منه ما روى من التعبير عن الإخفات بالصمت الذي هو حقيقة عدم الكلام بالكلية كما في صحيحة على بن يقطين (٣) قال : «سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام أيقرأ فيهما بالحمد. الخبر». فان المراد بهما الركعتان من الصلاة الإخفاتية.
وفي صحيحة على بن جعفر عن أخيه عليهالسلام (٤) قال : «سألته عن الرجل
__________________
(١) الوسائل الباب ٦ من السجود.
(٢) الوسائل الباب ٣٣ من صلاة الجماعة.
(٣) الوسائل الباب ٣١ من صلاة الجماعة.
(٤) الوسائل الباب ٥٢ من القراءة في الصلاة.